رحلة إيمانية نحو الفردوس: فضل الصدقة في رمضان و ثمارها المثمرة
مرحبا بكم متابعين موقع معاذ اشرف 👑
الصدقه تطفئ الخطيئه كما يطفئ الماء النار ، والصدقه تطفئ غضب الرب ، والصدقه تظلل صاحبها يوم القيامه ، وغير ذلك من الفضائل العظيمه للمتصدق ، ومما لا شك فيه ان رمضان هو شهر الجود والصدقه ولعلنا ان نتناول هذا الموضوع من ثلاث زوايا :
الاولي : الجود في رمضان ، الثانيه : مراتب الجود العشر ، الثالثه : تأخيره الزكاه الي رمضان.
1- الجود في رمضان
شهر رمضان شهر الخير والطاعه ، وقد كان نبينا صلي الله عليه وسلم احسن الناس خلقا واكثرهم طاعه ، وكان يزيد في رمضان اكثر من غيره.
قال ابن القيم :
" وكان النبي صلي الله عليه وسلم اجود الناس ، واجود ما يكون في رمضان ، يكثر فيه من الصدقه والاحسان وتلاوه القران والصلاه والذكر والأعتكاف. " أنتهي من " زاد المعاد.
ومن اكثر ما لفت انظار الصحابه رضي الله عنهم جوده صلي الله عليه وسلم في رمضان ، والجود هو اعطاء ما ينبغي لمن ينبغي ، وليس كالسرف والذي هو مجاوزه الحد وقد لا يصادف موضعه.
قال ابن القيم :
" والفرق بين الجود والسرف ان الجواد حكيم يضع العطاء مواضعه ، والمسرف مبذر وقد يصادف عطاؤه موضعه وكثيرا لا يصادفه. " أنتهي من " الروح".
عن انس قال : " كان النبي صلي الله عليه وسلم احسن الناس واجود الناس واشجع الناس " رواه البخاري ، ومسلم.
وعن أبن عباس قال : " كان رسول الله صلي الله عليه وسلم اجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليله من رمضان فيدارسه القران فرسول الله صلي الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسله.
وفي روايه للبخاري : عن أبن عباس رضي الله عنهما قال : " كان النبي صلي الله عليه وسلم اجود الناس بالخير ، واجود ما يكون في شهر رمضان ، لان جبريل كان يلقاه في كل ليله في شهر رمضان.
قال الحافظ أبن حجر :
فبمجموع ما ذكر من الوقت ( وهو رمضان ) والمنزول به ( وهو القران ) ، والنازل ( وهو جبريل ) والمذاكره حصل المزيد في الجود..ومعني "المرسله" اي : المطلقه ، يعني : انه في الاسراع بالجود اسرع من الريح ، وعبر بالمرسله اشاره الي دوام هبوبها بالرحمه ، والي عموم النفع بجودة كما تعم الريح المرسله جميع ما تهب عليه. أنتهي من ( فتح الباري ).
وقال :
"ولأن الريح قد تسكن ، وفيه الأحتراس لان الريح منها العقيم الضاره ومنها المبشره بالخير فوصفها بالمرسله ليعين الثانيه ، واشار الي قوله تعالي ( وهو الذي يرسل الرياح بشرا ) ، ( والله الذي ارسل الرياح ) ونحو ذلك ، فالريح المرسله تستمر مده ارسالها ، وكذا كان عمله صلي الله عليه وسلم في رمضان ديمه لا ينقطع. " أنتهي من ، فتح الباري".
2- صور الجود في رمضان
قال ابن القيم : والجود عشر مراتب :
احدها : الجود بالنفس ، وهو اعلي مراتبه كما قال الشاعر :
يجود بالنفس اذ ضن البخيل بها والجود بالنفس اقصي غايه الجود.
الثانيه : الجود بالرياسه ، وهو ثاني مراتب الجود ، فيحمل الجواد جوده علي أمتهان رياسته والجود بها والايثار في قضاء حاجات الملتمس.
الثالثه : الجود براحته ورفاهيته واجمام نفسه فيجود بها تعبا وكدا في مصلحه غيره ، ومن هذا جود الانسان بنومه ولذته لمسامره كما قيل :
متيم بالندي لو قال سائله هب لي جميع كري عينيك لم ينم
ومعني البيت :
ان هذا الرجل كريم قد أستولي عليه الكرم ، حتي لو سأله سائل وطلب منه ان يهب له جميع نومه لأعطاه سؤاله ولم ينم.
الرابعه :
الجود بالعلم وبذله ، وهو من اعلي مراتب الجود ، والجود به افضل من الجود بالمال ، لان العلم اشرف من المال ، والناس في الجود به علي مراتب متفاوته ، وقد أقتضت حكمه الله وتقديره النافذ ان لا ينفع به بخيلا ابدا ، ومن الجود به ان تبذله لمن يسألك عنه بل تطرحه عليه طرحا ، ومن الجود بالعلم ان السائل اذا سألك عن مسأله أستقضيت له جوابها.
الخامسه :
الجود بالنفع بالجاه كالشفاعه والمشي مع الرجل الي ذي سلطان ونحوه وذلك زكاه الجاه المطالب بها العبد كما ان التعليم وبذل العلم زكاته.
السادسه :
الجود بنفع البدن علي أختلاف انواعه كما قال النبي صلي الله عليه وسلم : يصبح عل كل سلامي من احدكم صدقه كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين أثنين صدقه ويعين الرجل في دابته فيحمله عليها او يرفع له عليها متاعه صدقه ، والكلمه الطيبه ، وبكل خطوه يمشيها الرجل الي الصلاه صدقه ، ويميط الاذي عن الطريق صدقه متفق عليه.
السابعه :
الجود بالعرض بأن يعفو عن كل من شتمه او إعتابه وفي هذا الجود من سلامه الصدر ، وراحه القلب ، والتخلص من معاداه الخلق ما فيه.
الثامنه :
الجود بالصبر والأحتمال والاغضاء ، وهذة مرتبه شريفه من مراتبه ، وهي انفع لصاحبها من الجود بالمال واعز له وانصر واملك لنفسه واشرف لها ولا يقدر عليها الا النفوس الكبار فمن صعب عليه الجود بماله ، فعليه بهذا الجود فإنه يجتني ثمره عواقبه الحميده في الدنيا قبل الاخره.
التاسعه :
الجود بالخلق والبشر والبسطه ، وهو فوق الجود بالصبر والأحتمال والعفو ، وهو الذي بلغ بصاحبه الصائم القائم ، وهو أثقل ما يوضع في الميزان ، قال النبي صلي الله عليه وسلم : لا تحقرن من المعروف شيئا ولو ان تلقي اخاك ووجهك منبسط اليه ، وفي هذا الجود من المنافع والمسار وانواع المصالح ما فيه والعبد لا يمكنه ان يسع الناس بحاله ويمكنه ان يسع الناس بحاله ويمكنه ان يسعهم بخلقه وأحتماله.
العاشره :
الجود بتركه ما في ايدي الناس عليه مفلا يلتفت اليه ولا يستشرف له بقلبه ولا يتعرض له بحاله ولا لسانه ، وهذا الذي قال عبدالله بن المبارك انه افضل من سخاء النفس بالبذل ، فلسان حال القدر يقوم للفقير الجواد : وان لم اعطك ما تجود به علي الناس فجد عليهم بزهدك في اموالهم وما في ايديهم تفضل عليهم وتزاحمهم في الجود وتنفرد عنهم بالراحه.
ولكل مرتبه من مراتب الجود مزيد وتأثير خاص في القلب والحال ، والله سبحانه قد ضمن المزيد للجواد والاتلاف للممسك ، والله المستعان. ( مدارج السالكين ) بتصرف يسير.
3- تأخير الزكاه الي رمضان :
فرض الله تعالي الزكاه علي اصحاب الاموال ممن بلغت اموالهم انصبه معينه ، والزكاه عباده وهي ركن من اركان الدين ، فإذا حاول الحول او اخرجت الارض زرعها : وجب علي صاحب المال والزرع المبادره الي اخراج زكاه هذة الاموال ، ولا يجوز له اخراجها علي دفعات وليس له ان يؤخرها الي رمضان ولا غيره الا ان تدعو ضروره لذلك.
قال ابن قدامه رحمه الله :
" وتجب الزكاه علي الفور ، فلا يجوز تأخير اخراجها مع القدره عليه والتمكن منه اذا لم يخش ضررا ، وبهذا قال الشافعي.. "أنتهي من"المغني".
سئل الشيخ أبن عثيمين - رحمه الله :
هل الزكاه تفضل في رمضان مع انها ركن من اركان الاسلام؟
فأجاب : الزكاه كغيرها من اعمال الخير تكون في الزمن الفاضل افضل ، لكن متي وجبت الزكاه وتم الحول وجب علي الانسان ان يخرجها ولا يؤخرها الي رمضان ، فلو كان حول ماله في رجب : فإنه لا يؤخرها الي رمضان بل يؤديها في رجب ، ولو كان يتم حولها في محرم فلا يؤخرها الي رمضان
، اما اذا كان حول الزكاه يتم في رمضان : فإنه يخرجها في رمضان " أنتهي من " فتاوي اسلاميه ".