تنحصر أسباب البراءة في جريمة عدم تسليم الميراث.في بعض الحالات المحددة في قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943م، الذي تم تعديله بالقانون رقم 219 لسنة 2017م، تم تناول مسألة استحقاق الإرث وحقوق التركة والأسباب التي تمنع الحصول على الإرث، بالإضافة إلى مواضيع أخرى تم توضيحها في 9 أبواب و49 مادة من هذا القانون.
تعتبر جنحة الامتناع عن تسليم الميراث من المسائل التي يلجأ إليها الورثة لاستعادة حقوقهم من الأفراد الذين يرفضون تسليم حصصهم الشرعية.
على الرغم من أن القانون واضح في عقاب الممتنع، إلا أن بعض القضايا تنتهي بصدور حكم بالبراءة.
وفي السطور التالية، سنتناول أسباب البراءة في جريمة الامتناع عن تسليم الإرث والعوامل التي قد تؤثر على مسار القضية.
ما هي جريمة الامتناع عن تسليم الميراث؟
جنحة الامتناع عن تسليم الميراث هي دعوى قضائية تُقدم ضد أحد الورثة أو الأفراد الذين يرفضون عمدًا تسليم حصة شرعية من الميراث إلى المستحقين، وذلك بما يتعارض مع أحكام القانون.
تنص المادة (49) من قانون الإرث على تجريم هذا السلوك، مما يستوجب عقوبات قد تصل إلى الحبس والغرامة.
أسباب عدم الإدانة في قضيّة امتناع عن تسليم الميراث
تتجلى أسباب البراءة في جريمة الامتناع عن تسليم الميراث في النقاط الآتية:
عدم توفر أدلة تثبت الإحجام المتعمد.
الركيزة الأساسية في هذه الجريمة هي القصد الجنائي، حيث يظهر الممتنع رغبة متعمدة في حرمان الآخرين من الإرث.
إذا لم يكن هناك دليل واضح يثبت أن المتهم تعمد عدم التسليم، فقد تصدر المحكمة حكمًا بالبراءة.
وجود نزاع حقيقي حول الميراث
إذا كان هناك خلاف بين الورثة حول توزيع الميراث، أو إذا كانت هناك قضايا قائمة لإثبات الحقوق، فإن الامتناع قد لا يُعتبر جريمة ولكن نزاعًا مدنيًا.
عدم تقديم المستندات اللازمة
يتعين على المُدّعي تقديم وثائق تثبت حقه في الإرث، مثل:
- شهادة الوفاة.
- إعلام الوراثة.
- مستندات تثبت قيمة التركة: عدم توفر هذه الوثائق يضعف من حجة المدعي وقد يؤدي إلى حكم بالبراءة.
عدم معرفة المتهم بالقانون أو الحق الشرعي
في بعض الأحيان، يمكن أن يبرر المتهم عدم علمه بحق الشاكي الشرعي في الميراث، خاصةً إذا كان تقسيم الميراث معقداً أو إذا لم يكن الشاكي معروفاً بالنسبة له.
قيام المتهم بتسليم حصته أو جزء منها
إذا استطاع المتهم إثبات أنه قام بتسليم حصة الشاكي أو بدأ في إجراءات تسليمها، فقد يؤدي ذلك إلى رفض الدعوى أو صدور حكم بالبراءة.
بالإضافة إلى عدم إمكانية تقسيم الإرث أو عدم استحقاق المدعي للحق المدني في الميراث.
بطلان الإجراءات القانونية
إذا وُجد خطأ في الإجراءات القانونية المتعلقة بالدعوى، مثل:
- تقديمها أمام محكمة غير مختصة.
- عدم تلبية المتطلبات القانونية للإبلاغ قد يؤدي إلى رفض الدعوى أو إصدار حكم بالبراءة.
بالإضافة إلى القرارات الصادرة بعدم القبول بسبب عدم توقيع الشاكي أو عدم احتواء صحيفة الدعوى على وصف الجريمة وبيان مواد العقوبة وبعض الإجراءات الشكلية المطلوبة.
وجود تسوية ودية بين الأطراف
إذا تم التأكيد على وجود توافق بين الورثة بشأن تأجيل تقسيم التركة أو توزيع الميراث، فإن ذلك قد يفسر عدم التسليم ويؤدي إلى البراءة.
يمكن تقديم الدعوى واعتبار الفعل جنحة في حال امتناع شخص عن تسليم أفراد عائلته، سواء كانوا من الأقارب أو الأصدقاء، حقوقهم في التركة بعد وفاة المالك الأصلي.
ويعاقب مرتكب جنحة رفض تسليم الميراث بدفع غرامة والحبس بناءً على تقديرات المحكمة، وفي بعض الحالات الخاصة، قد تتضاعف عقوبة الجنحة إذا وُجدت دوافع جشع لدى المتهم.
أركان جريمة عدم تسليم الإرث
لكل جريمة عناصر يجب أن تكتمل لكي يُعترف بالشخص المتهم، ويتم معاقبته وفقًا لما تراه الهيئة القضائية مناسبًا.
تتمثل جوانب جريمة الامتناع عن تسليم الميراث في:
- امتنع المتهم بشكل متعمد عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث.
- إخفاء وثيقة تثبت حق وارث في الميراث بشكل متعمد.
- حجب مستند يخص أحد الورثة.
وأن تكون جميع العناصر السابقة مصحوبة بدوافع الطمع والإساءة من جانب المتهم.
هناك شروط يجب توافرها حتى يتمكّن الشاكي من رفع دعوى تتيح له الحصول على حقه في التركة.
- وجود ممتلكات تخص الشخص المتوفى.
- أن يكون الشخص الوحيد الذي يتصرف في الميراث هو أحد ورثة المتوفي.
- هذا الشخص رفض بصورة قاطعة تسليم الميراث لجميع الورثة أو لأحدهم.
المستندات الضرورية في قضية الامتناع عن توزيع الميراث
لكل قضية مستندات يجب أن تكون موجودة في ملف الدعوى قبل عرضها على الجهة المختصة.
تتكون المستندات اللازمة لرفع دعوى من أجل الامتناع عن تسليم الميراث من النقاط التالية:
- مستند إعلام الوراثة يتضمن كافة أسماء المستفيدين الشرعيين من التركة الخاصة بالمتوفي.
- أوراق تؤكد أن المتوفى هو مالك التركة المذكورة في إعلام الوراثة الذي تم الحصول عليه.
- تقديم الدليل على أن الشخص المشتكى به لديه السلطة الكاملة لتصرف في الممتلكات التي يجب تقسيمها بين الورثة، مع أي مستندات تثبت رفضه لتوزيع الإرث على المستحقين الشرعيين.
- إذا لم يكن بالإمكان إثبات رفض الجاني تسليم الورثة، يمكن تقديم إنذار رسمي له لتسليم الميراث.
- وأخيرًا، القرار الذي أصدرته المحكمة بشأن توزيع الممتلكات واستبعاد بعضها الذي حصل عليه الأفراد، بالإضافة إلى إرفاق التقرير الذي قدمه الخبير الذي قيم تلك الممتلكات.
عقوبة عدم تسليم الميراث
أدخل القانون المصري رقم 219 لسنة 2017 بعض التعديلات على أحكام القانون رقم 77 لسنة 1943 فيما يتعلق بالمواريث، حيث شملت هذه التعديلات عقوبات على من يمتنع عن تسليم الميراث إلى المستحقين الشرعيين.
فقد نصت المادة رقم 49 على أنه:
"يُعاقَب كل من يرفض عمداً تسليم أحد الورثة حقه الشرعي من الميراث، أو يقوم بإخفاء وثيقة تُثبت نصيب أحد الورثة، أو يمتنع عن تقديم تلك الوثيقة عند طلبها من أحد الورثة الشرعيين، بالسجن لمدة لا تقل عن ستة أشهر ودفع غرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه وقد تصل إلى 100 ألف جنيه مصري كحد أقصى، أو يُعاقَب بإحدى العقوبتين."
كما أكدت تلك المادة على أن عقوبة المتهم في حال التكرار هي السجن لمدة لا تقل عن سنة، مع السماح بإمكانية التصالح في الجرائم التي نصت عليها المادة، بغض النظر عن حالة الدعوى حتى وإن كانت بعد صدور الحكم.
إجراءات توزيع الميراث عبر القضاء
من الأفضل التوجه إلى المحكمة في مسألة توزيع الإرث لضمان حصول كل مستحق على نصيبه بالكامل، ولتجنب رفض أحد الورثة لإجراء التقسيم الشرعي. كما يتعين الاستعانة بالمحكمة أيضاً في حال وجود قاصر أو شخص مفقود بين الورثة، أو إذا قام أحدهم بالتصرف في أي جزء من التركة قبل إتمام تقسيمها.
حيث يتم إعداد بعض المستندات المذكورة أدناه للتقديم. دعوى تقسيم الميراث .
المستندات اللازمة لتقديم دعوى تقسيم الإرث
يجب إعداد الوثائق التالية لتقديم دعوى تقسيم الميراث:
- استخراج مستند إعلام وراثة:
- يتم إصدار هذا الوثيقة من المحكمة الشرعية، وتحتوي على تفاصيل الورثة الذين لهم حق في التركة، وعلاقة القرابة بينهم وبين المتوفى، ونصيب كل منهم وفق الأحكام الشرعية.
- إرسال إنذار:
- يجب توجيه إنذار رسمي من قبل كاتب العدل إلى الورثة الشرعيين الذين يرفضون تقسيم الميراث، يمنحهم مدة معينة للقيام بالتقسيم الودي.
- إرفاق مستندات التركة:
- يجب تقديم كافة الوثائق التي تثبت ملكية المتوفى للتركة، سواء كانت تتعلق بالعقارات (مثل الأراضي الزراعية، المنازل، أو غيرها)، أو بالأموال الموجودة في البنوك، أو الأسهم، أو أي نوع آخر من الممتلكات.
إجراءات رفع الدعوى
- تقديم الطلب: يُقدَّم طلب قسمة الإرث إلى المحكمة المعنية، مع إرفاق المستندات المشار إليها سابقًا.
- تسجيل الدعوى: تقوم المحكمة بتوثيق القضية وتحديد تاريخ الجلسة الأولى.
- تبليغ الخصوم: يتم إبلاغ الورثة الآخرين بموعد الجلسة وتزويدهم بنسخة من وثيقة الدعوى.
- نظر الدعوى: تقوم المحكمة في الجلسة الأولى بفحص المستندات، والاستماع إلى شهادات الأطراف، والسعي لإيجاد توافق بينهم.
- صدور الحكم: إذا لم يتم الاتفاق بين الورثة، تصدر المحكمة حكمًا بالحبس أو الغرامة أو كليهما إذا كانت القضية جنائية، وفي حالات النزاع المدني، يتم الحكم بتقسيم التركة وفقًا للشريعة الإسلامية، مع تعيين خبير لتقييم العقارات وتقسيمها عند الحاجة.
تنفيذ الحكم
بعد إصدار الحكم، يتم تنفيذه بواسطة المحكمة، حيث يقوم الخبير المعين بتوزيع التركة على الورثة، وتسليم كل وريث حصته.
ملاحظات هامة
- دعوى عدم تسليم الميراث:إذا رفض أحد الورثة تسليم نصيب باقي الورثة، يمكن تقديم دعوى ضده في المحكمة، وفي هذه الحالة يتعين تقديم الأدلة التي تثبت امتناعه عن التسليم.
- البنوك: في حال رفض البنك تسليم الميراث، تكون القضية مرفوعة ضد البنك كجهة اعتبارية، وليس ضد أي من الورثة.
- التقسيم الرضائي: من الأفضل دائمًا محاولة تسوية النزاع حول توزيع الميراث بشكل ودي بين الورثة قبل التوجه إلى المحكمة، لتفادي النزاعات وتوفير الوقت والجهد.
الإجراءات القانونية لتفادي البراءة في قضية امتناع عن تسليم الميراث.
- استخراج إعلام وراثة رسمي يجب الحصول على وثيقة تثبت الحصر الوراثي لتحديد الورثة القانونيين وحصة كل واحد منهم في الميراث.
- تقديم إنذار رسمي على يد محضر قبل تقديم الدعوى، يُستحسن إرسال إنذار رسمي للشخص الممانع يُطلب فيه تسليم الميراث، وذلك لإثبات وجود الامتناع.
- تقديم أدلة دامغة يجب تقديم وثائق واضحة تثبت:
- حجم التركة.
- نصيب الشاكي في الميراث.
- امتناع المتهم عن التسليم.
- التأكد من القصد الجنائي إثبات أن المتهم قد تعمد عدم تسليم الميراث يمكن أن يعزز من قوة الدعوى الجنائية.
العقوبات المحددة في قانون الميراث
طبقًا للمادة (49) من قانون الإرث، يتعرض الشخص الذي يمتنع عن تسليم الميراث لعقوبة الحبس لفترة قد تصل إلى 6 أشهر، بالإضافة إلى غرامة تتراوح بين 20 ألف جنيه و100 ألف جنيه، أو لأحد هذين العقابين.
وأخيرًا، تعد أسباب البراءة في جريمة الامتناع عن تسليم الميراثمن الواضح أن الهيئة القضائية قادرة على إصدار الحكم ضد المتهم إذا وُجدت المستندات التي تثبت امتناعه عن التسليم، ومن الأفضل التوجه إلى المحكمة لتقسيم التركة بين الورثة لتجنب المعوقات المتعلقة بالميراث والانتظار لمدد أطول حتى يتم رفع دعوى أخرى للمطالبة بحقوقهم في التركة. وفي حالة امتناع البنك عن تسليم الميراث، يجب أن تكون الدعوى مرفوعة ضد البنك كهيئة استثمارية وليس ضد أحد الورثة.
على الرغم من قوة التشريعات التي تُعاقب على عدم تسليم الميراث، إلا أن العديد من القضايا تنتهي بالبراءة نتيجة لعدة عوامل، منها النزاعات المدنية أو نقص الأدلة.