الارتجاع المريئي المزمن أعراضه أسبابه وعلاجه
يعاني العديد من سكان العالم، وخاصة في الدول الغربية، من مشكلة الارتجاع المعدي المريئي المزمن (GERD). ويشير العلماء إلى أن زيادة عدد المصابين بهذا المرض تعود إلى تناول الأطعمة غير الصحية، مما يستدعي اتباع نظام غذائي صحي لمرضى ارتجاع المريء للمساعدة في تخفيف الأعراض.
قد يواجه الكثير من الأشخاص تجربة ارتجاع حمض المعدة بين الحين والآخر، ولكن لا يتم تشخيص الحالة كمرض ارتجاع معدي مريئي إلا إذا تكررت الأعراض مرتين في الأسبوع على الأقل بشكل خفيف، أو مرة واحدة في الأسبوع بشكل متوسط أو شديد.
الارتجاع المعدي المريئي المزمن (GERD)
الارتجاع المعدي المريئي هو حالة مزمنة تتمثل في تسرب الحمض إلى المريء، وهو الأنبوب الذي يمتد من الحلق إلى المعدة. تحدث هذه الحالة نتيجة ضعف العضلة العاصرة للمريء السفلية، مما يؤدي إلى عدم إغلاقها بشكل كامل عند دخول الطعام إلى المعدة، مما يسمح بتدفق الحمض عكسيًا إلى المريء والحلق، مما يسبب شعورًا بطعم حامضي في الفم.
الأشخاص الذين يعانون من الارتجاع المعدي المريئي يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب. ومن المهم ملاحظة أن أعراض حرقة المعدة قد تتشابه مع أعراض النوبة القلبية، مما قد يصعب التمييز بينهما. لذا، إذا شعرت بألم في الصدر، فمن الضروري إجراء الفحوصات اللازمة لاستبعاد احتمال الإصابة بنوبة قلبية.
يجدر بالذكر أن بعض الأشخاص الذين يعانون من ارتجاع المريء قد يتمكنون من التغلب على المشكلة من خلال إجراء تغييرات بسيطة في نمط حياتهم أو باستخدام بعض الأدوية التي لا تتطلب وصفة طبية. ومع ذلك، قد يحتاج بعض المرضى إلى علاج دوائي فعال أو حتى إلى جراحة في بعض الحالات.
أعراض الارتجاع المعدي المريئي المزمن
تختلف أعراض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) من شخص لآخر، وقد تشمل الأعراض بعضًا أو جميع الأعراض التالية:
- حرقة المعدة
- ألم في الصدر
- صعوبة في البلع
- ارتجاع الطعام أو السوائل
- الإحساس بوجود كتلة أو غصة في الحلق
- سعال جاف
- رائحة فم كريهة
- شعور بالغثيان
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الارتجاع أثناء النوم، قد يواجهون أيضاً مشاكل مثل السعال المزمن، التهاب الحنجرة، نوبات حساسية سواء كانت جديدة أو تفاقمت، بالإضافة إلى النوم المتقطع.
من جهة أخرى، قد يعاني بعض الأفراد من أعراض الارتجاع الصامت، الذي لا يظهر الأعراض الشائعة المرتبطة بالارتجاع. وقد أظهرت الأبحاث أن عددًا كبيرًا من مرضى الارتجاع المعدي المريئي يعانون من هذا النوع الصامت.
مضاعفات ارتجاع المريء
إذا تعرض الشخص لارتجاع المريء لفترة طويلة دون علاج، فقد يؤدي ذلك إلى:
- تضييق المريء: حيث يتسبب التهيج المستمر لجدار المريء بسبب صعود الحمض المعدي في تغيير طبيعة أنسجته، مما يؤدي إلى تقليل مرونتها وحدوث ضيق في المريء ومشكلات في البلع.
- حدوث قرحة في المريء: نتيجة التهاب جدار المريء الناتج عن الحمض المعدي، قد تتكون قرحة في الجدار، مما قد يسبب مضاعفات مثل الألم الشديد أو النزيف ومشكلات في البلع.
- سرطان المريء: نتيجة التعرض المزمن لجدار المريء للحمض المعدي، قد تتغير طبيعة الخلايا، مما يزيد من احتمال الإصابة بسرطان المريء، الذي غالباً ما يؤثر على الجزء العلوي والوسطي من المريء.
هل يمكن أن يؤدي ارتجاع المريء إلى فقدان الوزن؟
يمكن أن يتسبب الارتجاع المعدي المريئي المزمن (GERD) في شعور الشخص بالغثيان، بالإضافة إلى الألم وصعوبة البلع. ومع مرور الوقت، قد يؤدي ذلك إلى فقدان الشهية والقيء المستمر، مما يسفر عن فقدان الوزن، وهو ما يعد علامة على مضاعفات ارتجاع المريء.
أسباب ارتجاع المريء
لفهم كيفية حدوث ارتجاع المريء، يجب النظر إلى التركيب التشريحي للجزء العلوي من الجهاز الهضمي، الذي يتكون من الفم، ثم البلعوم، والمريء المتصل بالمعدة. عند نقطة الاتصال، توجد حلقة عضلية دائرية تعمل كصمام يسمح بمرور الطعام من المريء إلى المعدة، وتمنع عودته بعد اختلاطه بأحماض المعدة.
عندما يحدث ارتخاء أو ضعف في هذه الحلقة الدائرية المعروفة بفتحة الفؤاد، فإنها تفشل في أداء وظيفتها الأساسية، مما يؤدي إلى تراجع الطعام المختلط بحمض المعدة إلى المريء، مما يسبب تهيّجًا والتهابًا في المريء، وبالتالي ظهور الأعراض المذكورة.
عوامل الخطر
توجد عدة عوامل قد تزيد من احتمالية الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي، منها:
- زيادة الوزن (السمنة).
- حدوث فتق في الحجاب الحاجز، مما يؤثر على الجزء العلوي من المعدة.
- الحمل.
- مشاكل الأنسجة الضامة مثل مرض تصلب الجلد.
- تأخر تفريغ المعدة بسبب مشكلات في حركة الجهاز الهضمي.
كما أن هناك عوامل قد تزيد من حدة الحالة إذا كانت موجودة بالفعل، مثل:
- التدخين.
- تناول وجبات كبيرة أو تناول الطعام في وقت متأخر من الليل.
- الإفراط في تناول الأطعمة الدسمة والمقلية.
- الإفراط في شرب القهوة أو الكحول.
- تناول أدوية معينة مثل أدوية ارتفاع ضغط الدم، وأدوية الربو، والمسكنات، ومضادات الاكتئاب.
تشخيص ارتجاع المريء
يمكن لطبيبك تشخيص ارتجاع المريء (GERD) من خلال المعلومات المستمدة من تاريخك الطبي وبعض الفحوصات السريرية. ولتأكيد التشخيص أو لمتابعة المضاعفات، قد يطلب الطبيب إجراء الفحوصات التالية:
1. منظار عن طريق الفم
يتم ذلك من خلال إدخال منظار مزود بكشاف إضاءة وكاميرا عبر الفم للوصول إلى المريء، مما يتيح فحص جدار المريء بشكل دقيق. كما يمكن أخذ عينة من جدار المريء لفحصها للتأكد من عدم وجود تغييرات سرطانية محتملة.
2. اختبار كاشف الحمض المتجول
يتضمن هذا الاختبار إدخال قسطرة صغيرة عبر الأنف أو باستخدام المنظار المريئي، حيث تتصل القسطرة بجهاز كمبيوتر صغير يمكن ارتداؤه حول الخصر أو الكتف. يهدف هذا الجهاز إلى قياس الوقت ومدة تدفق الحمض إلى المريء، وبعد يومين يتم إخراج القسطرة مع البراز.
3. قياس ضغط المريء
يتم قياس حركة انقباض العضلات في المريء أثناء البلع، بالإضافة إلى تقييم التناسق بين هذه العضلات وقوة انقباضها.
4. الأشعة السينية
تُجرى أشعة سينية على الجزء العلوي من الجهاز الهضمي، حيث يتناول المريض مشروبًا خاصًا قبل التصوير لتلوين الجزء العلوي من الجهاز الهضمي. يساعد ذلك في تحديد أي تضييق في المريء أو مشكلات تعيق مرور الطعام أثناء البلع.
علاج الارتجاع المعدي المريئي المزمن
في البداية، قد يوصي الطبيب بإجراء بعض التغييرات في نمط حياتك وعاداتك التي قد تسهم في تفاقم مشكلة الارتجاع المريئي المزمن. كما يمكن أن يقترح بعض الأدوية البسيطة كخطوة أولى للعلاج. إذا لم تتحسن الحالة خلال عدة أسابيع، فقد يقوم الطبيب بوصف أدوية أكثر فعالية أو قد يلجأ أحيانًا إلى الجراحة.
1. أدوية علاج ارتجاع المريء
- مضادات الحموضة: تساعد هذه الأدوية في تخفيف الأعراض والشعور بالحرقة، لكنها لا تعالج التهاب المعدة، بل تعمل فقط على تخفيف الأعراض.
- أدوية تقلل من إنتاج حمض المعدة: تعمل هذه الأدوية بشكل أبطأ من مضادات الحموضة، لكنها أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول، حيث تساهم في تقليل إنتاج حمض المعدة.
- أدوية تساعد في التئام المريء: مثل الأوميبرازول ومشتقاته، تُعتبر هذه الأدوية من الأقوى والأكثر فعالية، حيث تعطل إنتاج الحمض لفترة طويلة، مما يمنح خلايا وأنسجة المريء فرصة للتعافي من الالتهاب.
- أدوية تقوي فتحة الفؤاد: مثل عقار البيكلوفين، الذي يقلل من ارتخاء فتحة الفؤاد، مما يسهم في تقليل ارتجاع الحمض إلى المريء.
2. الجراحات وبعض الوسائل غير الدوائية
- تضييق فم المعدة: تُجرى هذه العملية باستخدام المنظار، حيث يتم تضييق الجزء العلوي من المعدة حول نهاية المريء، مما يساعد على منع حدوث الارتجاع.
- جهاز لينكس: هو حلقة مغناطيسية تُركب حول فتحة الفؤاد، حيث تضيق بشكل كافٍ لمنع ارتجاع الحمض، وفي نفس الوقت تتسع بما يكفي للسماح بمرور الطعام.
3. أسلوب الحياة والعلاجات المنزلية
تشمل العلاجات المنزلية لارتجاع المريء ما يلي:
- الحفاظ على وزن صحي للجسم.
- تقليل التدخين.
- تخفيف الأعراض من خلال التدليك.
- النوم على وسادة مرتفعة.
- تجنب الأطعمة والمشروبات التي تزيد من الارتجاع، مثل الأطعمة الدهنية، الكحول، والقهوة.
- الابتعاد عن الملابس الضيقة في منطقة الخصر.
4. علاج ارتجاع المريء باستخدام الوصفات الطبيعية
- الأعشاب: يُعتبر البابونج خيارًا جيدًا لتخفيف أعراض الارتجاع، ولكن يُفضل استشارة الطبيب قبل استخدامه.
- العلاج بالاسترخاء: يُساعد في تقليل التوتر والقلق، مما يسهم في استرخاء العضلات.
التحضير لموعد الطبيب
عند اتخاذ قرار زيارة الطبيب، يُنصح باتباع الخطوات التالية:
- معرفة الاحتياطات اللازمة أثناء تناول الوجبات قبل الموعد.
- تدوين الأعراض التي تعاني منها، حتى لو كنت تعتقد أنها غير مرتبطة بمشكلتك.
- تسجيل العوامل التي قد تؤدي إلى تفاقم حالتك، مثل تناول نوع معين من الطعام.
- تدوين جميع الأدوية التي تتناولها، بما في ذلك الفيتامينات.
- تقديم تاريخك المرضي الحالي بشكل مفصل.
- تسجيل معلوماتك الشخصية وأي تغييرات طرأت على نمط حياتك، مثل تعديل نظامك الغذائي أو زيادة الضغوط النفسية.
- إعداد قائمة بالأسئلة والاستفسارات التي ترغب في طرحها على الطبيب.
- يُفضل اصطحاب صديق أو أحد أفراد العائلة لمساعدتك في تذكر المعلومات التي قد تنسى.
في حالة ارتجاع المريء، قد تحتاج إلى توجيه الأسئلة التالية إلى طبيبك:
1- ما هو السبب المحتمل وراء الأعراض التي أعاني منها؟
2- ما الفحوصات التي ينبغي علي إجراؤها؟ وهل هناك أي احتياطات يجب اتخاذها قبل القيام بهذه الفحوصات؟
3- هل حالتي صحية مؤقتة أم مزمنة؟
4- ما هي الخيارات العلاجية المتاحة لحالتي؟
5- هل هناك أي قيود يجب علي الالتزام بها؟
6- إذا كنت أعاني من مشكلة طبية أخرى، كيف يمكنني التنسيق بين المشكلتين وعلاجهما في الوقت نفسه؟
ماذا تتوقع من طبيبك؟
سيتطلب طبيبك بعض المعلومات منك، وقد يطرح عليك مجموعة من الأسئلة مثل:
- منذ متى بدأت تشعر بهذه الأعراض؟ وما مدى شدتها؟
- هل كانت الأعراض مستمرة أم تظهر بشكل متقطع؟
- ما هي العوامل التي ساهمت في تحسين الأعراض أو زيادة حدتها؟
- هل كانت هذه الأعراض تسبب لك الاستيقاظ أثناء النوم ليلاً؟
- هل تزداد الأعراض سوءاً بعد تناول الطعام أو عند الاستلقاء للنوم؟
- هل سبق لك أن عانيت من ارتجاع الطعام أو السوائل من فمك؟
- هل تواجه صعوبة في البلع أو اضطررت لتغيير نوعية طعامك لتسهيل بلعه؟
- هل لاحظت أي زيادة أو نقصان في وزنك مؤخراً؟